''الذهب الأبيض''.. قطاع مهمّش في تونس
يشتكي فلاحو معتمدية بوعرقوب من تعرضهم لما وصفوه بالظلم في تقدير مجهوداتهم طيلة سنة كاملة في رعاية ضيعات النارنج... حيث "يسافر زيت النيرولي المستخرج من زهر النارنج في حقيبة دبلوماسية لغلاء ثمنه.. وفي المقابل يقدر محتكرو سوق الزهر شقاء سنة كاملة بدينارين ونصف للكغ من زهر النارنج" حسب تعبير البعض منهم.
ويصف سامي هويدي رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة والصيد البحري وأحد أبرز منتجي القوارص ببوعرقوب زهر النارنج بالذهب الأبيض لثراء مستخرجاته من زيت نيرولي وماء الزهر ومحلول يستخدم في صناعة التبنيج.
إلا أن هويدي وزميليه الفلاح صالح القرناوي والفلاح محمد المهذبي يرون منتجي زهر النارنج كعملة مناجم الألماس، حيث ان "جهدهم وفير ومقابله بخس ومنتوجهم ثمين لا يجنون عائدات تضاهيه".
وفي تصريح لموزاييك قال المهذبي إن "أياد خفية تحركها وحدات تحويل زهر النارنج سطت على سوق الزهر بمعتمدية بوعرقوب قبيل الانطلاق الرسمي لموسم جني النارنج وتحكمت في الأسعار حتى انخفظت إلى عشرة دنانير للوزنة الواحدة ما يعادل أربع كغ من الزهر ودينارين ونصف للكغ الواحد.
أمر لم يقبله الفلاح الذي ينفق ما بين 20 إلى 30 دينارا أجرة يد عاملة في اليوم الواحد فضلا عما بذله طيلة سنة من عناية بضيعات النارنج ونفقات لمياه للري تستخرج بمولدات كهربائية من آبار ارتوازية ورش مبيدات وحرث الحقل ونقل العملة ...
وقد بلغ الغضب مداه حيث ألقى المزارعون كميات هامة من زهر النارنج منذ أيام في الوادي في حركة احتجاجية على تردي سعره.
وكشفت جولة في منطقة المهاذبة وسيدي الظاهر بمعتمدية بوعرقوب عن تصحر سوق الزهر وغياب كل من البائع والمشتري مقابل انتشار مستودعات يقوم عليها وسطاء يقتنون كميات الزهر بأسعار متفق عليها فيما بينهم لم تتجاوز هذا الموسم الـ 24 دينارا.
وطالب كل من سامي هويدي وزملائه الفلاحين سلطة الإشراف بهيكلة القطاع وحمايته من الدخلاء وخاصة من هيمنة أصحاب وحدات التحويل الذين حددوا، وفق روايتهم، سعر وزنة زهر النارنج بعشرة الى عشرين دينارا في حين أن سعر الكغ من زيت النيرولي المستخرج من زهر النارنج يبلغ 270 ألف دينار وهو مطلوب بشدة في سوق صناعة التجميل والعطور والمواد الطبية.
ويرى هويدي أنه على الدولة التدخل عبر وزارات الفلاحة والتجارة والصناعة للحد من هيمنة أصحاب وحدات التحويل. كما اقترح إعادة إحياء تعاضدية الفلاحين ببوعرقوب التي حلتها والية نابل ووضعت على رأسها هيئة تسييرية، حلت نفسها بدورها.
فوفق هويدي يمكن لتعاضدية الفلاحين الإحاطة بالفلاح ومد يد العون له لمعاضدة مجهوداته في إنتاج زهر النارنج عبر توفير اليد العاملة وتأمين بيع محصوله وحماية حقه في سعر يعادل ما بذله من مصاريف العناية والإنتاج وحماية أشجاره.
واقترح الفلاحون أيضا على الدولة بعث وحدة تحويل حكومية لتستفيد الدولة من عائدات بيع زيت النيرولي بدل استئثار ثلة من رجال الأعمال به.
ويذكر أن معتمدية بوعرقوب تعد أكبر جهة منتجة لزهر النارنج في ولاية نابل وعلى مستوى وطني تليها معتمديتي بني خيار ودار شعبان الفهري. وقدّر محصول زهر النارنج للموسم الحالي بحوالي 1300 طن على مستوى جهة الوطن القبلي بزيادة 17 بالمائة عن الموسم الفارط.
وتعد معتمدية بوعرقوب ألفي فلاح منتج لزهر النارنج يوفرون مواطن شغل موسمية للمرأة الريفية ما يجعله قطاعا اجتماعيا بالأساس علاوة على وجهته الصناعية أيضا.
وتمسك المتدخلون بتوجيه نداء إلى القائمين على وزارات الإشراف لهيكلة القطاع قانونيا وميدانيا للحد من الخسائر التي يتكبدها الفلاح التونسي.
وأوضح المتدخلون أن مطالبهم لا ترمي إلى إقصاء أو التضييق على أصحاب وحدات التحويل باعتبار أن التعامل معهم تكاملي ولكنهم تمسكوا بهيكلة القطاع وبفرض قانون العرض والطلب في معادلة تحديد السعر حتى لا يجوع الفلاح ولا يشتكي المصنّع أو يستثري على حساب جهد المزارع.
سهام عمار